من اليوم الأول لإنشاء النادي الأهلي في 1907 وبدأت جدران القلعة الحمراء لتقديم نماذج مشرفة ساهمت في صناعة تاريخ كبير لمصر سواء سياسياً أو إقتصادياً أو رياضياً.
لاعبون حصدوا بطولات ذهبية عالمية ووضعوا إسم مصر في المحافل العالمية، أعضاء مجالس إدارات على مدار تاريخ النادي الأهلي لهم تاريخ طويل في وضع أساس الإقتصاد المصري وغيرها من المجالات الهامة حتى وصل الامر لتولي مناصب كان أبرزها رئاسة وزراء مصر.
El-Ahly.com على مدار شهر رمضان يقدم نماذج ساهمت في صناعة مصر والتأثير بشكل إيجابي على المصريين في كافة المجالات.
البداية .. صاحب الفكرة "العالم القضائي والمصلح الاقتصادي"
عمر لطفي يوسف عاشور المصري مواليد مدينة الأسكندرية في 1867 .. أصوله تعود إلى أسرة مغربية جاءت إلى مصر في عهد محمد علي وكان رئيسها من كبار الرجال في المغرب، انتقل إلى القاهرة فأتم دروسه بمدرسة الفرير، ثم دخل مدرسة الحقوق الخديوية ونال شهادتها سنة 1886 وعمل وتدرج في المناصب ونبغ واشتهر في مدة قصيرة، استخدم أولاً في قلم قضايا الحكومة، ثم في مكتب محاماة سعد باشا زغلول، ثم اشتعل في النيابة العمومية، وانتدبته الحكومة لتدريس القانون في مدرسة الحقوق الخديوية ثم وكيلاً لها، وعلى الرغم من أنه رشح ليكون قاضياً بمحكمة قنا إلا أنه فضل الاستمرار في حقل التعليم، وبعد فترة ترك مدرسة الحقوق وتاقت نفسه للاشتغال في مجال القضاء فافتتح مكتباً للمحاماة وظل يعمل محامياً حتى وفاته في نوفمبر 1911.
كان عمر لطفي واسع الإطلاع في الشأنين القضائي والاقتصادي، ألف عدة كتب في القضاء مثل: الدعوى الجنائية في الشريعة الإسلامية، حرمة المساكن، حق المرأة، حق الدفاع، الامتيازات الأجنبية، الوجيز في شرح القانون الجزائي، شركات التعاون في مصر، والكتاب الأخير يعد الأساس والبداية لإنشاء حركة التعاونيات والنقابات العمالية والزراعية في مصر والتي بدأت على يد عمر لطفي.
وعندما رأى عمر لطفي صاحب فكرة إنشاء النادي الأهلي اشتداد الأزمة المالية سنة 1907 وما يتكبده الفلاح من ظلم المرابين والمضاربين، بحث عما يضمن نجاة القطر المصري من هذه الأزمات مستقبلاً فرأى أن يقتدي بما فعلته ألمانيا وإيطاليا بإنشاء نقابات زراعية في كل بلدة تساعد الفلاحين بدلاً من المرابين، وبعدها أنشأ شركة التعاون بالقاهرة ثم باقي المدن الكبرى في مصر مثل الإسكندرية والمنصورة والمنيا ومنوف وحلوان، وكان يطوف بأنحاء مصر لينشر دعوته بتأسيس النقابات والتعاونيات.
ويعد عمر لطفي من رواد الحركة التعاونية على مستوى العالم، ولقب بأبو التعاون في مصر، وكانت المشكلة الزراعية من أصعب مشاكل مصر الاقتصادية لذلك بدأ عمر لطفي يدعو للاستقلال الاقتصادي، وكان من أخلص أصدقاء مصطفى كامل، وساعده مصطفى كامل في كشف فوائد التعاونيات للشعب، وهو ما يتعارض مع أطماع الاحتلال، كما كان عمر لطفي المؤسس لأول نقابة عمالية في مصر وهي نقابة عمال الصنائع اليدوية.
نال عمر لطفي عدة أوسمة، وفي تقييم أحد أكبر المجلات في النصف الأول من القرن العشرين وهي مجلة "الاثنين والدنيا" لأعظم عشرة رجال في تاريخ مصر في خمسين سنة، اختاره المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي التاسع بعد مصطفى كامل ومحمد فريد ومحمد عبده وسعد زغلول وعلي مبارك وعبد الله النديم وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وقبل العاشر طلعت حرب.
هذا هو عمر لطفي صاحب فكرة إنشاء النادي الأهلي، وما ذكر عنه غيض من فيض، وعذرا للإطالة، ولكن كان مهماً أن نتحدث عن عمر لطفي الذي ربما يتعرف عليه كثيرون للمرة الأولى.
عمر لطفي يعرف عنه الجميع بأنه كان صاحب فكرة إنشاء النادي الأهلي الذي أنشيء بهدف تجميع طلبة المدارس العليا الرافضين للإحتلال الإنجليزي ويكون غطاءً لهما من أجل النضال ضد الإستعمار.
ويقول عبد الخالق ثروت رئيس النادي الأهلي و رئيس وزراء جمهورية مصر العربية لفترتين في عمر لطفي بك بعد وفاته :
«الآن وقد انتهينا من أعمال الجمعية العمومية، فإني أنتهز هذه الفرصة لألقى على حضراتكم كلمة عن تاريخ هذا النادي؛ فإن تفضلتم وسمحتم بذلك فإن أول ما ينطق به لساني في هذا الحديث هو اسم المرحوم عمر لطفي بك، ذلك لأنه الواضع لهذا النادي وصاحب الفكرة في تأسيسه. كان المرحوم عمر بك لطفي وكيلاً لمدرسة الحقوق، وكنت في ذلك العهد موظفًا بوزارة الحقانية، فكنت معه بحكم وظيفتينا في علاقة مستمرة، وكان رحمه الله على ما تعلمون كثير الاشتغال بأمور الشبيبة عظيم الاهتمام بأحوالهم وبكل ما يعود عليهم بالفائدة. حضر ذات يوم وقال لي إنه كثيرًا ما فكر في أحوال طلبة المدارس العالية وكيفية تمضيتهم لأوقات فراغهم، وفى علاقات خريجيها بعضهم ببعض، فرأى أن بعضًا من الطلبة يقضون أوقاتهم في المحال العمومية ليس لهم من أنواع الرياضة غير الجلوس في المقاهي، وأن البعض الآخر وهو من يرى الترفع عن ذلك يعتكف في منزله، وأن الطلبة بمجرد إتمام دراستهم واشتغالهم بأمور معاشهم إذا ما تفرقوا في البلاد وبعدوا عن القاهرة انقطعت بينهم أسباب الألفة وأصبحوا غرباء بعضهم عن بعض. شكا إلى تلك الحال وما يترتب عليها من المضار الأدبية والمادية، وقال إنه يرى خير دواء لها تأسيس فناء في نقطة صحية خارج المدينة تكون منتدى لطلبة المدارس العليا ومتخرجيها يقضون فيه أوقات فراغهم ويتمرنون فيه على الألعاب الرياضية. ويكون للطلبة الذين قضى عليهم جهاد الحياة أن يكونوا خارج القاهرة واسطة في الاجتماع بإخوانهم المقيمين فيها كلما سنحت لهم فرصة العودة إليها. لم أتردد لحظة في الحكم بأن تحقيق هذه الفكرة هو خير ما نخدم به الشبيبة المصرية ولكني لا أخفى عليكم أن أملى في نجاح المشروع كان أقل بكثير من تخوفي من عدم إمكان تنفيذه، أو من سقوط النادي بعد تأسيسه، وعذري في هذا التخوف أنى جربت في حكمي هذا على قياس الحاضر بالغابر، والمستقبل بالماضي، فكم من مشروعات وطنية قامت بضجة عظيمة وأقبل عليها الناس أيما إقبال لكنها ما لبثت أن أخذت في التلاشي والفناء حتى أصبحت أثرًا بعد عين. ولم أرد مع ذلك أن أثبط همته بمخاوفي هذه وقلت في نفسي لعل في هذه الحركة بركة، واتفقنا على العمل فسعى رحمه الله حثيثًا حتى وفق في تشكيل نقابة أخذت على عاتقها دفع المال لتأسيس النادي وقد تأسس بالفعل.