إمام عاشور.. ضحية سقطت بين الفوضى والشيزوفرينيا وسلاح القيم والمبادئ



نادي القيم والمبادئ.. شعار عندما تسمعه تدرك بأن الحديث يدور حول النادي الأهلي المصري، أيًا كان مسار الحوار، فلطالما رفعت القلعة الحمراء هذا الشعار عند اتخاذ القرارات الحاسمة، طوال مشوارها.

شعار "نادي القيم والمبادئ" لطالما كان مصدر فخر لجماهير الأهلي، إلا أنه نال من السخرية والتهكم ما نال من كل من لا ينتمي للنادي الأهلي على مدار السنوات والعقود، وكانوا ينكرون وجود تلك الكلمات في كرة القدم من الأساس.. ولا تعلم إن كان ذلك يأتي من كراهيتهم للأحمر، أم أن أنديتهم لم تجعلهم يشعرون بتلك الأحاسيس من قبل.

ذلك كان هو المسار الطبيعي لشعار "قيم ومبادئ الأهلي"، حتى جاء صيف عام 2023، وتحديدًا عند بدء الأهلي مفاوضاته للتعاقد مع إمام عاشور، لاعب ميتييلاند الدنماركي، والذي اعتبرته جماهير الزمالك في وقتٍ من الأوقات الأيقونة الجديدة للأبيض، لتجد الأمور تتبدل، وأن الذين كانوا يسخرون من ذلك الشعار أصبحوا هم أول من يطالبون بالدفاع عنه.

هنا لجأ الزمالكاوية وكل من يتمنى تعثر تلك الصفقة لاستخدام شعار القيم والمبادئ سلاحًا في وجه الأهلي لإيقاف مفاوضاته لضم إمام عاشور، بداعي أن الأخير قام بسب القلعة الحمراء ورموزها عندما كان لاعبًا في الأبيض.

الفوضى

بالطبع، إن الزمالكاوية ليسوا أكثر حرصًا من الأهلي وجماهيره وإدارته على تطبيق شعار القيم والمبادئ، الذي طالما كانوا يسخرون منه ولم يعترفون به في أي مرحلة من المراحل، إلا أن الغرض الأساسي هذه المرة هو عدم انتقال إمام عاشور للأهلي، حتى وإن كان المقابل هو الدفاع عن شعار القيم والمبادئ والنادي الأهلي ورموزه.

في الحقيقة، فإن الزمالكاوية تعمدوا خلق حالة من الفوضى والخلط بين شعار القيم والمبادئ مع شعارات أخرى مثل الأخلاق الحميدة، للتشكيك في الشعار المنسوب للنادي الأهلي، ليبدو للجميع أن القلعة الحمراء لم تطبق مبادئها بالفعل عند بدء التفاوض لضم إمام عاشور.

تعريف المبادئ في اللغة العربية: القواعد الأساسية التي تُمثّل ما هو مرغوب وإيجابي بالنسبة لشخص أو مجموعة أو منظمة، وتساعده في تحديد مدى مشروعية أو عدم مشروعية أفعاله.

تعريف القيم في اللغة العربية: مجموعة من المقاييس والمعايير، الحاكمة على أفكار الإنسان ومعتقداته واتجاهاته، وتؤثّر في حياته؛ لتمثّلها في سلوكياته العمليَّة وتصرّفاته.

وفقًا للتعريفات السابقة، فإن القيم والمبادئ ليس لها علاقة بالأخلاق السامية والنصائح التي يتم وضعها في غلاف الكتاب المدرسي، حول أهمية ضرورة غسل اليدين قبل الأكل وبعده، وإنما تمثل القيم والمبادئ سلوكًا للأهلي يتبعه، من أجل تحقيق مصالحه في الأساس، فحتى وإن كان ستؤثر بالسلب عليه على المدى القصيرة، إلا أنه متيقن من أن إيجابياته ستظهر لاحقًا.

كما أن هذه التعريفات تؤكد أن النادي الأهلي وإدارته هما الأقدر بتطبيق مبادئ وقيم النادي، باعتبارهما الأكثر دراية بالمقاييس والمعايير الحاكمة للنادي، وأنه ليس من حق أي فرد خارج تلك المنظومة التنظير أو توجيه الأحمر نحو طريق معين.

بشكل عام، فإن لعبة كرة القدم ليست مجالًا لتطبيق الأخلاق السامية، فاللاعب الماهر هو من يتمكن من اقتناص ركلة جزاء لفريقه بمراوغة ساحرة، أو يرتقي لأعلى ويسجل الكرة في المرمى بيده، كما فعل دييجو مارادونا مع الأرجنتين أمام إنجلترا بكأس العالم، ليصبح ذلك واحدًا من العلامات البارزة والأهداف الخالدة في تاريخ اللعبة.

وصحيح أن كرة القدم ليست مجالًا لتطبيق الأخلاق السامية، إلا أن كل نادٍ حر في وضع مبادئه وقواعده التي يسير على نهجها، لأنها في النهاية تمثل مجموعة من اللوائح التي تنظم العمل بين جميع من ينتمي للفريق، للحفاظ على النظام وتحقيق المصالح العامة للنادي، ويتم تحديد مدى صحة تلك القيم والمبادئ من مدى نجاح النادي نفسه.

شعارات داخلية

وعلى الرغم من حملات السخرية والتهكم طيلة السنوات الماضية من شعار نادي القيم والمبادئ، إلا أن الأهلي لم يطالب أحد قط بالاعتراف بها، لأنه كان يدرك أن ذلك الشعار داخلي، مثله مثل "الأهلي فوق الجميع"، ما يعني أن النادي فوق جميع أبنائه ومصالحهم الفردية.

لذلك، كان حرص الأهلي الدائم على تطبيق مبادئه وقيمه على جميع المنتمين له، ليس للانتقام أو الثأر منهم، أو إظهار أنه أقوى من الجميع، بل لفرض النظام وتحقيق مصالح النادي فيما بعد.

فعندما رفضت إدارة الأهلي عودة عصام الحضري، بعد هروبه إلى سيون السويسري، رغم حاجة القلعة الحمراء له حينها وظلت تبحث عن حارس بديل يعوضه لأكثر من 10 أعوام، وتعرض الإدارة لضغوطات عديدة وقتها، وبكاء اللاعب على الشاشات مطالبًا مسامحته، كانت تعرف أنها تضمن بذلك عدم تكرار ذلك الأمر مُجددًا في المستقبل من أحد أبناء النادي، وإن تكرر سيكون مصيره معروفًا للجميع.

هناك آخرون يرفعون لافتة كاذبة أخرى في محاولة لدفع الجماهير نحو نفس الغرض، وهو أن الأهلي دائمًا ما كان ملتزمًا بتطبيق مبادئه إلا أنه قرر استثناء ذلك لكيد الزمالك بضم إمام عاشور، وأنه لم يسبق للأحمر أن تعاقد مع لاعب قام بتوجيه الإساءات للنادي، وأقل ما يقال عن ذلك بأنه باطل يراد به تحطيم مصالح الأهلي.

لقد سبق للنادي الأهلي أن ضم سيد معوض لصفوفه، بعدما سبق له أن دخل في مناوشات مع جماهير الأحمر، وهو لاعبًا للإسماعيلي، كما ضم طارق السعيد الذي قام بعدة أفعال أمام مشجعي الفريق وكان حينها قائدًا للزمالك، وأيضًا ياسر إبراهيم، الذي قال على الهواء مباشرةً في أحد البرامج التلفزيونية إن فريق الأهلي يحقق انتصاراته وبطولاته بمساعدة الحكام.. وكل هؤلاء عادوا واعتذروا بعد ذلك للأهلي وجماهيره، كما قدموا الإضافة الحقيقية للمارد الأحمر، وتمكنوا من المساهمة في التتويج بالبطولات، وخرجوا بعد الاعتزال مهللين بقيم ومبادئ الأهلي.

ويبقى المثال الأبرز على أن الأهلي يطبق مبادئه على من ينتمي له فقط، عندما قام بتوقيع أكبر غرامة مالية على لاعب في تاريخ الدوري المصري، وهو محمود كهربا، في واقعة لم يشاهدها أحد، وكان من السهل نفيها، دفاعًا عن اللاعب الذي ضحى بمسيرته في الملاعب تحقيقًا لحلمه بارتداء قميص الأهلي.

الشيزوفرينيا

كشفت صفقة التعاقد مع إمام عاشور شيزوفرينيا بعض جماهير الأندية المنافسة في أبهى صورها، فهي التي طالما كانت تطالب بالنظر لإمام عاشور بنظرة المظلوم، الذي تم إيقافه ظلمًا وعدوانًا بعد توجيه الإساءات للأهلي ورموزه.

الجماهير التي كانت ترى بأن إمام عاشور لم يفعل شيئًا ولا يمكن عقابه لأنه كان يقوم بتوجيه الإساءات وهو لا يدري بأنه يتم تصويره داخل غرفة مغلقة، أصبحت في يوم وليلة ترى بأن ما فعله لاعبها السابق أمر مشين في مسيرته، ولا يمكن قبوله، ولا يندرج تحت القيم والمبادئ والأخلاق السامية، بل وقد تجدها خلال أيام قليلة تطالب بتوقيع عقوبة عليه بشطبه من سجلات اتحاد الكرة بعد الإساءات التي وجهها لرموز الأهلي وأساطير الكرة المصرية.

الحقيقة أن البعض لا يهمه القيم ولا المبادئ ولا الأخلاق السامية، بل يربط كل ذلك بما فيه مصلحة للأهلي من عدمها لاتخاذ وجهة نظره النهائية، وأكثر ما يهمه هو قطع جميع الطرق التي بها مصلحة للقلعة الحمراء.

إمام عاشور.. ضحية

لسنا هنا للدفاع عن إمام عاشور، واعتبار أن ما فعله قبل سنوات عندما كان يرتدي قميص الزمالك أمرًا مقبولًا، بل هي أمور بالفعل كانت تستوجب التدخل السريع من جميع أفراد المنظومة الكروية المصرية، وتوقيع العقوبات عليه، وأن يخرج للاعتذار كما فعل.

لكننا نكتب تلك الكلمات كي لا نرى تلك الأمور تتكرر مُجددًا في الكرة المصرية، فبرغم أن ما فعله إمام عاشور أمرًا غير مقبولًا، لكنه ضحية في الوقت نفسه.. ضحية إدارات وجماهير أندية دفعت لاعبيها لسب الأهلي، واعتبار أن ذلك بطولة تضاف لدولابهم الخالي من إنجازات.

إمام عاشور ضحية نتاج عقليات في إدارات الأندية تعتبر أن سب الأهلي ورموزه وجماهيره هو إنجازها الوحيد في الموسم، حتى وإن كانت تلك الأندية تصارع على الهبوط، والأهلي متوجًا بدوري أبطال إفريقيا للمرة الحادية عشرة في تاريخه.

أخيرًا.. إن كنت تتفق مع كل ما تم ذكره في السطور الماضية أو تختلف، فالحقيقة الواضحة هي أن من كان يصدق أن الأهلي نادي قيم ومبادئ سيظل متأكدًا من ذلك، ومن لم يكن يصدق، فلن يعترف بذلك مهما فعل الأهلي.

الحقيقة الأخرى هي أن قيم ومبادئ الأهلي تخصه هو فقط، وإدارته الوحيدة المختصة بكيفية وتوقيت تطبيقها، ومثلما لم يفرضها الأهلي على أي فرد خارج منظومته، لا يمكن لأي أحد خارج منظومته أيضًا سلب ذلك الشعار منه.

استطلاع الراى


توقعك لجنسية مدرب الأهلي الجديد؟
الدوري العام - 2024/2025

الفيديوهات الأكثر مشاهدة خلال شهر
تطبيق الأهلي.كوم متاح الأن
أضغط هنا