بعض حكماء العرب قديمًا كانوا يأكدون بأنه لا أمان لاثنين: الدنيا والمال.. ولكن من حسن الحظ أن هؤلاء الحكماء لم يتابعوا مباريات كرة القدم، وإلا لكان نسر الأهلي ثالثهم.
نسرٌ لا يعرف للاستسلام معنى، يصول ويجول فوق كل عشب أخضر، يجني ما يحلو ولا يحلو له، يستمتع أحيانًا بمتابعة فريسته وهي تسعد بفرحة خادعة، قبل أن ينقض في اللحظة المناسبة ويؤلمها بـ "القاضية".
انتصارات وألقاب اقتنصها الأهلي من رحم الثواني الأخيرة، وسط تأكيدات من الجميع بأن الأمر انتهى، قبل أن ينتفض وينتزع أغلى الأفراح، ولعل "قاضية أفشة" في شباك الزمالك بنهائي القرن لكانت التاج على رأس ملحمات ضربها الأهلي في مطاردة المستحيل.
ويستعرض El-Ahly.comفي السطور القادمة إحدى تلك اللقطات التي اغتال فيها نسر الأهلي فريسته دون رحمة.
الأهلي ينتفض بين الأحزان وأنقاض الكرة المصرية
حادثة مروعة في ستاد بورسعيد قبل حوالي 3 أشهر حولت الكرة المصرية إلى رمادٍ ودخان.. انطفأت أنوار الملاعب بمقتل 72 شابًا بتهمة تشجيعهم للنادي الأهلي.. وأصبحت كرة القدم في مصر مجرد أغاني على الأطلال.
من بين الأنقاض كعادته ينتفض الأهلي ويقود الكرة المصرية في نفق مظلم حتى يظهر النور في آخره.. يحفظ لها هيبتها وكرامتها في القارة والعالم، حيث تمكن من تحقيق لقب دوري أبطال إفريقيا في فترة توقف النشاط، ويمنحه كأبسط هدية لمن ضحوا بأروحهم من أجل تشجيع المارد الأحمر.
في نهاية إبريل عام 2012 كان الأهلي مطالبًا بالتغلب على أحزانه.. أن ينسى ما مضى ويعود ليرفع رايته وراية الكرة المصرية ويخوض غمار البطولة الإفريقية، وذلك بمواجهة الملعب المالي خارج البلاد.
ولأن المصاعب هي قدر الأهلي، فإن التغلب على الأحزان لم يكن هو المهمة الوحيدة أمام المارد الأحمر، فالفريق خاض مباراته في مالي وسط حرب أهلية، أسفر عن عودة الفريق على متن طائرة حربية، بعد ليلة من الرعب تلت هزيمة في الثواني الأخيرة.
14 مايو 2012، ستاد الكلية الحربية
الأهلي كان أمام مهمة تبدو سهلة في الإياب بعد الهزيمة بهدف نظيف في الذهاب، إلا أن تلك المهمة تعقدت بعد أول ربع ساعة في ملعب الكلية الحربية، حيث تمكن الفريق المالي من إحراز هدف مباغت أربك كل الحسابات.
الأهلي فشل في تعديل الكفة في الشوط الأول، ليظهر بين الشوطين دور المخضرم مانويل جوزيه الذي كان يقضي ليلته الأخيرة مع الأهلي، حيث تعامل بهدوء شديدة مع اللاعبين بين الشوطين، وركز على تحفيزهم فقط من أجل تحقيق كتابة ليلة درامية جديدة في تاريخ حافل بمثل تلك الليالي.
أما محمد أبو تريكة الذي حلّ بديلًا قبل نهاية الشوط الأول بـ 3 دقائق لم يكن في حاجة سوى لـ 9 دقائق في الشوط الثاني من أجل الحصول على ركلة حرة مباشرة من منطقة سحرية ومفضلة بالنسبة له، لينقض على تنفيذها بنجاح ويعلن إدراك هدف التعادل.
دفاع الملعب المالي صمد أمام ضغط الأهلي حتى الدقائق العشر الأخيرة من عمر اللقاء، وبينما كان اليأس بدأ أن يدب بين المشجعين، كان للمارد الأحمر موعد مع ليلة جديدة من ليالي "القاضية" التي لا تنسى.
ونجح دومينيك دا سيلفا من الحصول على ركلة جزاء في الدقيقة 80 بعد لمسة يد على مدافع الملعب المالي داخل منطقة الجزاء، لينقض أبو تريكة على تنفيذها بنجاح ليعيد الآمال في إمكانية التأهل لدور المجموعات.
كعادته مع حدود البلس تسعين، تمكن أبو تريكة من إحراز الهدف الثالث له وللأهلي بعد هجمة بدأها بنفسه ومررها لسيد معوض الذي أرسل عرضية استلمها عماد متعب وتهيأت أمام تريكة ليقابلها بتسديدة في أعلى الشباك معلنًا عن ريمونتادا أهلاوية.
تلك النتيجة أهلت الأهلي لدور المجموعات قبل أن ينجح في تصدر مجموعته على حساب فرق مازيمبي وتشيلسي الغاني والزمالك، ومن ثم التأهل للمباراة النهائية بعد عبور القطن الكاميروني في نصف النهائي، ومن ثم هزيمة الترجي في نهائي تاريخي بملعب رادس وتحقيق النجمة السابعة وبطولة الشهداء.