مدرجات ستاد القاهرة ممتلئة عن آخرها، والمصريون أمام شاشات التلفاز في جميع أنحاء الجمهورية، الجميع يتأهب وينتظر ويأمل في تحقيق انجاز مصري جديد في بطولات أمم افريقيا بعد غياب استمر 8 سنوات، الجميع يحلم بالأميرة السمراء ولا شيء سواها.
"لكي تحقق بطولة يجب ان تكون شجاعًا"، أبو تريكة الشجاع قرر ان يرتدي ثوب "سوبر مان" ويخطف اللقب القاري الخامس في تاريخ الفراعنة في ليلة لم تنم فيها القاهرة وضواحيها بسبب الفرحة.
مصر استضافت بطولة الأمم الافريقية للمرة الرابعة في تاريخها عام 2006 وكانت البطل في النسخ الثلاث السابقة وهو ما جعل الجميع يتفاءل بأننا سنحقق اللقب أيضًا في المرة الرابعة حتى وإن كنا سنواجه منتخب الأفيال الذي يقوده كتيبة من نجوم القارة السمراء عبر تاريخها.
البداية
ضربة البداية كانت أمام المنتخب الليبي في مباراة انتهت بفوز الفراعنة بثلاثة أهداف دون رد، افتتح ميدو التسجيل قبل ان يسجل تريكة الهدف الثاني من ضربة حرة مباشرة ستظل في أذهان الجميع، حيث انه سددها بطريقة رائعة من مسافة بعيدة جعلت الجميع بما فيهم حارس منتخب ليبيا يشاهد الكرة حتى سكنت الشباك.
في المباراة الثانية تعادل المنتخب المصري سلبيًا مع نظيره المغربي، ليواجه كوت ديفوار في مباراة الجولة الثالثة وكان يحتاج لنقطة وحيدة حتى يضمن التأهل، لكن في تلك المباراة تريكة ورفقاءه قدموا مباراة رائعة وفاز المنتخب المصري بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، سجل متعب هدفين، والماجيكو هدفًا، ليتأهل منتخبنا إلى ربع النهائي كأول مجموعته.
مباراة ربع النهائي كانت سهلة نسبيا حيث اكتسح المنتخب المصري نظيره منتخب الكونغو الديمقراطية بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، ليتأهل الفراعنة إلى نصف النهائي لمواجهة المنتخب السنغالي.
منتخب السنغال كان قويًا للغاية ولم تكن مباراة الدور ربع النهائي سهلة على الاطلاق وتقدم أحمد حسن بالهدف الأول من ركلة جزاء وتعادل منتخب السنغال ووصلنا للدقيقة 80 من زمن الشوط الثاني ومازال التعادل مسيطرًا على المباراة وهناك أحداثًا مشتعلة على دكة بدلاء الفراعنة عندما اعترض ميدو على تبديله وحدث المشادة الشهيرة مع حسن شحاتة.
لكن في وسط كل هذا وعلى الرغم من ان الجميع كان منشغلا بما يحدث في الخارج كان أبو تريكة مستيقظا ولم يغفل عن هدفه وهدف المصريين ثانية ليرفع كرة عرضية بقدمه اليسرى تصل على رأس عمرو زكي الذي سددها بقوة ليعلن عن الهدف الثاني لمنتخب مصر والتأهل لنهائي البطولة لتتبقى خطوة وحيدة على الفوز باللقب الغالي.
شجاعة تريكة ودموع عبد الحليم وهروب السقا
انتهى الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي وأهدر أحمد حسن ركلة جزاء في الشوط الإضافي الثاني ربما كانت هي الفرصة الوحيدة التي أتيحت لمنتخب مصر في المباراة لكنه رفض تسجيلها، وأصر على تسديد الركلة الأولى في الضربات الترجيحية وبالفعل سددها وأحرزها بنجاح.
ودخل عبد الحليم علي وسدد الركلة قبل الأخيرة ولكنه أهدرها لتسيل دموعه لشعوره بالندم على كرة من الممكن ان تضيع على مصر الفوز باللقب، ليسرع إليه عبد الظاهر السقا ويحاول تهدئته في مشهد لم يغب عن أعين أبو تريكة.
الركلة الأخيرة وينتظر الجميع دخول عبد الظاهر السقا لتسديدها لكنه رفض وذهب للماجيكو وطلب منه ان يسددها هو، أبو تريكة "الشجاع" وافق وقرر ان يسدد هو الركلة ولكنه لم يكن يعلم انها الأخيرة وانه إذا أحرزها ستتوج مصر بالبطولة، كل الذي كان يدور في ذهنه هو دموع عبد الحليم وحسرته وكل ما يريده هو تسجيل الركلة بأي طريقة.
أبو تريكة قرر ان يسدد الكرة على يسار الحارس لكن في آخر لحظة شيء إلهي دفعه لتسديدها في الزاوية الأخرى وبالفعل سددها وسجلها وعمت الأفراح على جميع المتواجدين لكنه لم يكن يعلم اننا انتصرنا إلا عندما شاهد عصام الحضري وهو يسرع إليه لكي يحتفل معه.
في تلك البطولة تحول أبو تريكة من لاعب محلي يلعب للنادي الأهلي إلى لاعب دولي يمثل منتخب مصر، وقرر ان يكون "البطل" عندما دفعته شجاعته لتسديد الركلة الأخيرة بعدما لم يتمالك عبد الظاهر السقا أعصابه او يستطع تسديدها، ليكتب "سوبر مان" فصل جديد من فصول ألقاب منتخب مصر في الأمم الافريقية.