حدثنى صديق مقرب عقب مجزرة بورسعيد ذاكرا عبارة شهيرة تتهم لعبة كرة القدم بانها المخدر الاول للشعوب فى الوقت الحالى ولم اتمكن من نسيانها وهى "الكرة افيون الشعوب" مشيرا الى ان النظام السابق استغل اللعبة الاشهر فى مصر من اجل إشغال الناس عما يحدث من خراب فى المجال السياسى والاقتصادى كما استغل قياصرة روما الالعاب فى ذلك الوقت وهو ما سيؤدى بالبلاد الى الهاوية وهو الامر الذى استمر عقب الثورة مقتنعا ان ما حدث فى ملعب المصرى تدبير من البعض فى محاولة لصرف النظر عن الامور السياسية وهو ما يحدث الان باشكال مختلفة.
لم ارهق نفسى كثيرا فى البحث عن رد مناسب فلم اكن فى حالة تساعدنى على التفكير فى اى شئ بجانب إعادة حق الشهداء وما يجب ان يحدث ويتم فى ذلك الوقت ولكن عبارته لم تغب عنى وظهرت بقوة فى الفترة الاخيرة هو الامر الذى لاحظته مع انطلاق بطولة الدورى المصرى.
حيث تردد على ألسنة بعض الجماهير ومع الاسف بعض العاملين فى مجال الكرة رغبتهم فى انطلاق البطولة الاولى الرياضية فى مصر "عشان يتلهى الناس" بعيدا عن امور السياسة وهو واقع لا ارى كيف شاهدوه هل ظنوا ان خروج المنتخب من تصفيات بطولة امم افريقيا 2012 هو السبب فى قيام الثورة فى 2011 ام ان تكرار الاحداث فى يناير وفبراير 2013 مرتبط بعدم وصول منتخب مصر للبطولة المقامة حاليا فى جنوب افريقيا.
نظرة بليدة للعبة كرة القدم تتمثل فى جرى احد عشر لاعب خلف قطعة من الجلد مملوءة بالهواء وامامهم نفس العدد من الرجال يسعى لاقتناص هذه القطعة من الجلد مجرد نظرة مجردة من العقلانية ونظرة تخصهم وحدهم تعبر عن رايهم الخاص ولهم الحرية فيما يعتقدون الا ان الرياضة بمختلف قطاعاتها اصبحت صناعة كبيرة تتضمن المليارات عبر العالم وكرة القدم فى مصر ليست مجرد لعبة بسيطة ولم تكن فقد بدأت ايام الاحتلال الانجليزى وتحولت لصناعة نسعى جميعا للتفوق خلالها لا ان نتراجع مثلما حدث لباقى الصناعات التى تراجعت فى الفترة الاخيرة.
للاسف هؤلاء لا يدركون قيمة كرة القدم الحقيقية ربما بدافع الجهل وربما بسبب ضيق الافق فالكرة التى انتشرت فى مصر خلال عهد الاحتلال الانجليزى وتفنن فيها الصبية والشباب فى الشوارع من اجل التفوق على الانجليز فى لعبتهم التى اخترعوها وسنوا قوانينها كانت الرد المتاح فى ذلك الوقت على الاحتلال ورسالة واضحة على قدرة المصريين على قهر الاحتلال وهو ما تم بمرور الزمن.
كرة القدم تحولت عبر التاريخ الى صناعة تكلف الكثير ويتربح من وراءها الكثيرين اموال تضخ بكثرة لانعاش السوق المحلية وبكل تأكيد تساعد فى الاقتصاد المصرى بشكل لا يمكن انكاره بالطبع سوق الكرة المصرى لا يمكن مقارنتها بالسوق الاوروبية او حتى الخليجية بسبب فارق الاموال الضخمة والعملة الا ان ايجابياتها لا يمكن انكارها على ارض الواقع فى مصر.
ولكنها فى الاهم ستظل رسالة مهمة بين الشعوب ومجال تنافسى دائما يقدره العقلاء فهو مجال قادر على فتح الابواب بين الدول وتبادل للثقافات اذا استغله العقلاء كما يجب بدلا من ان نترك المجال لمجموعة تسعى فقط الى الربح حتى لو على حساب علاقات دولية وبكلمات تؤدى الى الفتنة بين افراد البيت الواحد.
وادعوكم لقراءة سلسلة .. اللى بنى مصر كان فى الاصل اهلاوى للتعرف على تاريخ اقامة النادى الاهلى والدور الذى فكر فيه كبار مصر فى بداية القرن الماضى
الحلقة الاولى
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة
الحلقة الرابعة
الحلقة السادسة