كعادتي كل أحد ، بدأت اتخذ موقعي امام شاشة التلفزيون مبكراً منتظراً مباريات الدورى الايطالي والتى تبدأ ظهراً وتنتهى مساءً ممنياً نفسي الاستمتاع بوجبة كروية ساخنه تنسيني الدنيا وما فيها من ضغوط عصبية وارهاق بدني.

ومع انطلاق اللقاء الاول  والذي يلعب وحيداً فى الثانية عشر والنصف ظهراً يوم الاحد بدأت افتح جهاز الكومبيوتر اثناء مشاهدتى للقاء لاقرأ  اخر الاخبار قبل انطلاق باقي المباريات فى الثالثة عصراً ففوجئت بان لقاء كاليارى وروما قد تقرر الغائه لأن رئيس نادى كاليارى ماسيمو تشيلينو دعي رسمياً عبر موقع النادي حاملي البطاقات الموسمية للحضور بالرغم من ان اللقاء سيلعب رسمياً دون جمهور لعدم مطابقة الملعب للمواصفات الامنية وتجري بيه اعمال الصيانة.

، بدأت اصرخ كالمجنون "يا نهار اسود ، هيبة ايطاليا راحت ، لغوا الماتش خوفاً من شوية مشجعين ، دول لازم يطردوا من الاتحاد الاوربي ويمنعوا التعامل هناك باليورو ويرجع لليرة اللى مكنتش تسوى والفيزا متبقاش شنجين "

بدأت استرجع الاحداث لأفهم كيف يتخذ المسئولين فى ايطاليا مثل هذا القرار دون اى اعتبار لهيبة الدولة و"ازاى ميلعبوش الماتش فى اى ملعب تاني ويجيبوا الجيش الإيطالي يأمنوا الماتش علشان مفيش واحد يستجري ويدخل"

 البداية كانت الموسم الماضي عندما رفضت بلدية مدينة كالياري ان يستمر فريق المدينة والذى يحمل اسمها فى اللعب علي ملعب سانت اليا وهو الملعب الشهير الذى استضاف مباراة مصر وانجلترا فى مونديال العالم 1990 بسبب تدهور حالته الانشائيه واصبح غير مطابق للمواصفات الامنية وهو ما استدعي ان يلعب اللقاء الاخير للفريق علي ملعبه الموسم الماضي امام يوفنتوس والذى توج فيه الاخير رسمياً بالدورى على ملعب اخر فى مدينة تريستا قبل ان يقرر الفريق ان يلعب هذا الموسم وحتى اجراء اعمال صيانه شاملة لملعب سانت اليا (ستستغرق فترة ليست قصيره )حتى يطابق المواصفات الامنية علي ملعب "اريناس " فى مدينة كالياري وهو الملعب الذى يلعب عليه فريق "كوارتو سانت الينا" فى الدرجة الرابعة.

ولأن المواصفات الامنية لدورى الدرجة الرابعة تختلف عن المواصفات الامنية لدورى الدرجة الاولي فتقرر ان يلعب الفريق دون جمهوره حتى الانتهاء من اعمال الصيانه والتى بدأت قبل 4 اشهر وستنتهى بعد شهر تقريباً ، وقبل اللقاء طلب تشيلينو رئيس نادى كالياري ان يحضر اصحاب البطاقات الموسمية اللقاء بحجة ان اعمال الصيانه قاربت على الانتهاء والملعب اصبح يحتمل حضور عدد قليل من الجماهير وهم اصحاب البطاقات الموسمية علي ان يصبح قادراً على استقبال جميع الجماهير فور انتهاء اعمال الصيانه كاملة وهو ما قوبل بالرفض بسبب عدم انتهاء اعمال الصيانة كاملة ووجود بعض المعدات الخاصة بالصيانة فى المدرجات وهو ما يشكل خطورة على الجماهير.

 الا ان تشيلينو لم يبال بالرفض و طلب رسمياً من حاملي البطاقات الموسمية حضور اللقاء وهو ما استدعي اجتماع عاجل ليلة المباراة بين مسئولي المدينة  ومسئولى الشرطة انتهى بضرورة الغاء اللقاء واخطار الاتحاد الايطالي بذلك ليعلن الاتحاد عن الغاء اللقاء وهو ما دعي مسئولي روما لتقديم طلب رسمي من اجل احتساب اللقاء 3-0 لصالح فريق العاصمة بعد ما سافر الفريق الى جزيرة سردينيا وقام بحجز الفندق تبعاً للائحة وهو ما وافق عليه الاتحاد بالفعل.

وبعد انتهاء مباريات اليوم ظللت اقلب بين القنوات الرياضية الايطالية وامامي شاشة الكومبيوتر انتقل كالمجنون بين المواقع المهتمه بالكرة الايطالية منتظراً رد فعل "مصطفاتا يونيساتو " والذى ربما يطالب بان تطلق الكلاب على جماهير كالياري التى ستقترب من ملعب المباراة او ان اشاهد " شوبيرانو " يتحدث عن هيبة ايطاليا التى راحت او " شلبانتينو " يلوم الاتحاد الايطالي لالغائه المباراة ويطالب باقامتها فى ملعب فى صحراء ايطاليا مؤمنه بالجيش والشرطة الايطاليه لانه لا يمكن ان يتحكم شوية مشجعين فى مصير مباراة مرتبطة بعقود رعاية وحقوق بث تلفزيوني الا انى لم اجد كل هذا فاستعوضت الله فى هيبة ايطاليا اللى راحت علي يد شخص واحد وليس حتى بضعة اشخاص !

دروس مستفادة :

1-      تعامل المسئولين فى ايطاليا مع تصرف خاطىء تماماً من رئيس نادي غير مسئول بمنتهى الهدوء والحكمة ،فحافظوا على ارواح المشجعين من حدوث كارثه لو حضروا اللقاء فى ستاد غير مؤهل لحضورهم دون الدخول فى عناد غير مدروس يتسبب بالفعل فى ضياع هيبة الدولة اذا تعرض اى مشجع لاى اذى او ان تكلف خزينة الدولة ملايين لتأمين مضاعف للمباراة فقط للبحث عن هيبة مزعومة لايطاليا

 

2-      عوقب المسئول والذى كاد ان يتسبب فى كارثه (ولم يتسبب فى كارثه بالفعل مثلما كان حالنا فى ماساة بورسعيد قبل 8 اشهر تقريباً ) وكان عقابه من شقين الاول رياضي باحتساب فريقه منهزماً مع احتماليه اتخاذ بعض الاجراءات التأديبية اخري كعدد من المباريات بدون جمهور او غرامة ماليه او غيرها من العقوبات (وليس كحالنا يتكرم علينا المصري بانه لن يلعب فى الدورى الموسم المقبل )بالاضافة الى عقوبات جنائية حيث من المنتظر ان يحقق مع تشيلينو بتهمة انه كاد ان يتسبب فى كارثه يذهب ضحيتها عدد من الاشخاص

 

 

3-      تعامل مسئولي الاتحاد الايطالي بمنتهى الحكمة ، فأرواح الناس اهم من حقوق البث والرعاية كما انه عاقب من جهته كمؤسسة رياضية المتسبب فى تلك الازمة رياضياً

 

4-      مع كل الاختلاف والرفض للفعل غير المسئول من تشيلينو رئيس النادي الا انه سعي لنصر جمهوره والوقوف معه وهو امر يحسب له بالرغم من الرفض التام للطريقة والاسلوب ، اما عندنا فالجمهور هو عنصر ليس له قيمة عند ادارات الاندية بالرغم من انه من صنعهم جميعاً فالمقارنه بين موقف تشيلينو "الخاطىء" وموقف ترك جمهور الاهلي على ممر الطائرات قبل اعوام او رفض لعب لقاء السوبر عند تعارض المصالح الاعلانية والموافقه على لعبه فقط عندما التقت المصالح الاعلانية او دعم مرشح  لرئاسة اتحاد الكرة كان السبب الابرز فى عدم عقاب المسئولين عن كارثه بورسعيد ووفاة 74 مشجع اثناء الهتاف للفريق مسافرين خلفه مسافة تزيد عن 200 كيلو هو امر لن يصب بكل تأكيد فى صالح رئيس النادي الأهلي وستكون مقارنه ظالمة مع تشيلينو المخطىء فى الطريقة

 

5-      تشيلينو قرر ايقاف نفسه والغاء صلاحياته كرئيس للنادي بصورة مؤقته كي يتمكن من الدفاع عن موقفه امام النيابة بمجرد عودته الى ايطاليا قادماً من امريكا دون ان يضع النادي فى اى موقف حرج رافضاً ان يحتمي بكرسيه وهو موقف سيحرج كل اصحاب الكراسي والمناصب فى منظومة الرياضة المصرية "الفاسدة"